حصول طمأنينة القلب وانشراح الصدر هدفٌ يسعى له الكثير من الرجال والنساء، وفي سبيل تحقيقه تُصرف الأموال، ويرحل المسافرون إلى البلاد شرقًا وغربًا؛ بحثًا عن أي وسيلة لسعادة القلب وطمأنينة الروح.
*
،
ونحن حينما نشارك الكون كله في البحث عن السعادة، فيجب أن نرشدهم إلى الوسيلة العظيمة والمختصرة وهي: أنه كلما تقرب المرء إلى ربه وَجَد الأنس والسرور والسعادة والطمأنينة.
ومصداق ذلك في كتاب ربنا، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
فإذا كان مجرد ذكر الله تعالى سبب كبير للطمأنينة، فما بالك بمن جمع مع الذكر عباداتٍ أخرى جليلة!
والذي ينظر في نفسه بكل تجرد يجد أنه كلما تقرب إلى الله بفعل الفرائض أو النوافل، وَجَد السعادة في قلبه على قدر عمله، وأنه حينما يرتكب أمرًا محرمًا أو يقصر في واجب، يشعر بألم في قلبه وهمًّا ملازمًا وقسوةً حاضرة.
*
،
فهذا رجل كتب الله له أن يقوم من الليل عدة ركعات، فشعر بحلاوة في قلبه لا تساويها حلاوة، حتى قال أحدهم: لولا الليل لما أحببت البقاء في الدنيا. وبعد صلاة الليل إذا به يتجه إلى المسجد ليؤدي صلاة الفجر، فزادت سعادته، ثم بدأ بالأذكار الصباحية.
ثم رجع إلى بيته وهو في فرح كبير وسعادة غامرة..
يا تُرى لماذا؟ هل حصل على زيادة في ماله؟ هل مارس لذة من لذائذ الشهوات؟ لا لا، إنه كان في مناجاة مع ربه الرحيم الودود، فوهبه الرحمن بعض الهدايا القلبية التي جعلته يتذوق طعمًا للإيمان.
وعلى العكس من ذلك تجد ذلك الذي كانت ليلته مع الشهوات سهرًا واستمتاعًا، ثم ينام عن الصلاة، يصبح وقد أحاطت به الهموم على قلبه، والتنغيص على روحه، ويشعر بألم قد لا يدري ما سببه.
نعم.. إنها الذنوب والشهوات تجلب لك القسوة في قلبك والحزن والهم والغم، وصدق الله {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} طه: 124[].
ولقد تحدث الكثير ممن عاشوا في جحيم الشهوات والإعراض عن الله عن حياة كانت مليئة بالحزن والألم والقلق.
*
،
وفي نظرة أخرى نجد في بلاد الغرب من حالات الانتحار الشيء الغريب، رغم ما يوجد لديهم من عناصر اللذة والشهوة، نعم هي لذة الجسد ولكنها عذاب للروح.
فيا مَن يريد السعادة والطمأنينة وانشراح الصدر، بينك وبينها خطوات يسيرة، أقبل على ربك ليمنحك سعادة القرب منه ولذة الاتصال به